قالت وكيلة الأمين العام للشؤون القانونية والمستشارة القانونية للأمم المتحدة إلينور همرشولد، أمام محكمة العدل الدولية اليوم، إن إسرائيل بصفتها قوة محتلة، تقع عليها التزامات عديدة تتعلق بوجود الأمم المتحدة وأنشطتها في الأرض الفلسطينية المحتلة.
جاء هذا خلال جلسات استماع تعقدها المحكمة بدءا من اليوم بناء على طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على فتوى (رأي استشاري) من محكمة العدل الدولية حول التزامات إسرائيل فيما يتعلق بوجود وأنشطة الأمم المتحدة ومنظمات أخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وفي كلمتها أمام المحكمة - نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة - شددت همرشولد على أن "هناك حاجة ملحة للعودة إلى وقف إطلاق النار، وأن على جميع الأطراف احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي".
وقالت أن قصف "إسرائيل" لغزة بلا هوادة وأعداد الضحايا المدنيين مستمر بشكل مقلق، وقتل 35 من موظفي المؤسسات الأممية بسبب القصف المستمر على غزة خلال الأسابيع الماضية، حماية المدنيين لا يعني فرض أمر لما يزيد على مليون نسمة أن يغادروا باتجاه جنوب القطاع حيث لا ماء ولا غذاء ولا وقود ولا مأوى وحيث تتعرض هذه المناطق للقصف، إمدادات الوقود في القطاع ستنفد خلال أيام وهذا يعني كارثة أخرى، سكان غزة بحاجة إلى وصول المساعدات دون قيود
وشددت على أن إسرائيل ودولة فلسطين والجهات الفاعلة من غير الدول، بما في ذلك الجماعات المسلحة الفلسطينية مثل حماس، تتحمل التزامات بموجب القانون الدولي يجب مراعاتها.
وفيما يتعلق بإسرائيل كقوة محتلة، قالت هامرشولد: "تقع على عاتق إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة، التزامات عديدة تتعلق بوجود الأمم المتحدة وأنشطتها في الأرض الفلسطينية المحتلة. وتشمل هذه الالتزامات، بموجب القانون الدولي الإنساني، الالتزام الشامل بإدارة الأرض لصالح السكان المحليين، والالتزام بالموافقة على برامج الإغاثة وتسهيلها، والالتزام بتسهيل عمل جميع المؤسسات المخصصة لرعاية الأطفال وتعليمهم على نحو سليم، والالتزام بالحفاظ على المؤسسات والخدمات الطبية والمستشفيات، بما فيها تلك التي أنشأتها هيئات الأمم المتحدة".
عمليات الأونروا
وأوضحت المسؤولة الأممية كذلك أن إسرائيل مُلزمة باحترام قرار الشعب الفلسطيني بشأن كيفية تقليص اعتماد الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وغزة على إسرائيل في توفير السلع والخدمات الأساسية، مضيفة أن "إسرائيل مُلزمة بتقديم الدعم لمثل هذه الأنشطة التي تضطلع بها الأمم المتحدة".
وأكدت همرشولد أنه بموجب المادة 59 من اتفاقية جنيف الرابعة، يجب على القوة المحتلة الموافقة على "خطط الإغاثة" وتسهيلها في حال نقص الإمدادات عن السكان. وأوضحت أن المادة 59 لا تقتصر على احتياجات البقاء العاجلة فحسب.
وأشارت إلى أن المواد الغذائية والإمدادات الطبية والملابس ليست سوى أمثلة، وأن الإغاثة يجب أن تلبي أيضا الاحتياجات طويلة الأجل في حالات الاحتلال المُطوّل، مثل بناء وإصلاح البنية التحتية الطبية والصحية والقضاء على الفقر.
وقالت المسؤولة الأممية إن سن "قانون وقف عمليات الأونروا" و"قانون وقف عمليات الأونروا في أراضي دولة إسرائيل" من قبل الكنيست الإسرائيلي يُشكل امتدادا للسيادة على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، أو ممارسة لصلاحيات سيادية فيها، مضيفة أن هذا يتعارض مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي.
وأضافت أنه بما أن "قانون وقف عمليات الأونروا في أراضي دولة إسرائيل"، من بين آثار أخرى، يمنع عمليات الأونروا في القدس الشرقية، التي تعتبرها إسرائيل جزءا من أراضيها، فإن سن هذا القانون وتطبيقه يتعارضان أيضا مع الوضع القانوني الدولي للقدس الشرقية.
حرمة الأمم المتحدة
وأكدت همرشولد ضرورة "الالتزام المطلق والإلزامي باحترام حرمة مباني الأمم المتحدة وممتلكاتها وأصولها في جميع الأوقات، بما في ذلك أثناء النزاع المسلح".
وذكرت أنه لا يجوز لموظفي الدولة دخول مباني الأمم المتحدة أو التدخل فيها بأي شكل آخر دون موافقة مسبقة، مؤكدة أنه لا توجد حالة - بما في ذلك النزاع المسلح - تحد من هذه الحرمة.
وأشارت إلى "المبادئ العامة التي تُكرّس التزامات التعاون مع الأمم المتحدة"، والمستمدة من ديباجة مـيثاق الأمم المتحدة، والتي تُلزم الدول الأعضاء بالوفاء بحسن نية بالتزاماتها وتقديم كل مساعدة ممكنة للأمم المتحدة.
وتناولت همرشولد الادعاءات المتعلقة بنزاهة بعض كيانات الأمم المتحدة، مؤكدة أن الأمم المتحدة تنظر بجدية بالغة في أي ادعاءات ذات مصداقية ضدها، بما في ذلك تلك التي تتعلق بموظفيها أو إساءة استخدام مبانيها.
وأكدت همرشولد أن احترام القانون الدولي من قبل جميع الأطراف أمر لا غنى عنه سواء لكي تتمكن الأمم المتحدة من الوفاء بولاياتها في الأرض الفلسطينية المحتلة ومن أجل السلام الدائم والأمن والعدالة للإسرائيليين والفلسطينيين.